منتديـــــــــات سوالــــــــــفنا حلــــــــوة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديـــــــــات سوالــــــــــفنا حلــــــــوة

حيث التميز عنوان
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة بائع العلكة الصغير

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ملاكـ الخيال
بنوتة جديدة
بنوتة جديدة
ملاكـ الخيال


انثى عدد المساهمات : 19
نقاط : 51
تاريخ التسجيل : 09/06/2009

قصة بائع العلكة الصغير Empty
مُساهمةموضوع: قصة بائع العلكة الصغير   قصة بائع العلكة الصغير I_icon_minitimeالثلاثاء يونيو 09, 2009 2:52 am

لا يبدو انه جاوز العقد الأول من عمره ، في وجهه الصغير آثار جروح قديمة ملتئمة تشي بكثرة العراك ، فبدت مثل الشوارع الخالية من المارة ، شعره مغبر وغير مصفف ، ثيابه ممزقة و متسخة كأنه لم يستبدلها منذ ولادته ، لا شيء يشير إلى انه اغتسل في يوم ما .. يقف منتصبا و كأن مسامير تثبته بالأرض ، مع اقترابي منه حدقت بقطع العلكة التي يبيعها ، نوعها رديء لا يشتريها سوى الفقراء ، نظراته عنيدة وشرسة ، فبدا كأنه يخيفني كي يجبرني على الشراء منه .. شعرت بان كل مخزون الشعب الفلسطيني من قهر تشعه عيناة المتمردتين الثائرتين . أعطيته ثمن قطعتين و لم آخذهما ، انفرجت أساريره و أصبحت نظراته وديعة ومسالمة ، كأنه اطمأن إلى قوت يومه ، لقد ابتعت ابتسامته ، ربما أنني أبعدت عنه شبح مجهول كان بانتظاره .. تابعت السير إلى صندوق الصراف الآلي التابع للبنك كي استلم راتبي الشهري بعد إفراج أمريكا عنه اثر تشكيل حكومة الطوارئ ، وقفت في طابور طويل .. كأن الناس واقفون لاستلام ماء الحياة ، وقفت في الطابور كي أمارس سنّة انقطعت عنها منذ شهورعدة ، أخذت قدماي بالتململ و النمنمة لطول وقت الوقوف ، لم اعد أرى في حياتي شيئا سوى راتبي الشهري .. يبدو أنني استبدلت به كل ما احمله من قيم و أمان ، وجدتني احدث نفسي المثقلة : راتبي الشهري هو معياري للحقيقة و به ازن الأشياء و المواقف .
جاء دوري .. استلمت الراتب و أدرت ظهري مبتعدا بضع خطوات ، وقفت أحدق بالسماء كي أتأكد إن كانت تعج بالذنوب ، أم هي صافية كالبراءة المقتولة في بيت الجنرال المفدى .. لا اعرف لماذا تثاقلت خطاي أمام الطفل بائع العلكة الذي باغتني بالقول : خذ هاتين القطعتين لأنك دفعت ثمنهما ، قلت له أنا لا أريد علكة أنما أردت ... قاطعني بتمرد : أنا لست شحاذا ، أنت تمسخني من بائع إلى شحاذ .. شعرت بأنني أهنته دون قصد مني ، مددت يدي و أخذت منه العلكة الرديئة و سألته بشغف : هل تذهب إلى المدرسة ؟ فقال : لا . لقد تركتها بعد الصف الثاني الابتدائي
سألته : لماذا تركت المدرسة ؟
قال : كي اعمل وأعيل نفسي
قلت : و اهلك لماذا لا ...
قال مقاطعا : بعضهم قتلتهم إسرائيل و البعض الآخر في سجونها
قلت :هل ستبقى كما أنت بائع علكة
قال : لا . انتظر أن أصبح شابا كبيرا
قلت متسائلا : لماذا ؟ و ماذا ستفعل عندما تكبر؟
قال : سوف أتحول إلى مقاتل
قلت : قد تقتلك إسرائيل قبل أن تكبر
قال : لا تفرق عند الخروف إن ذبح يوم العيد أو في يوم آخر
شعرت بان كل كلمة من كلماته بمثابة رصاصة تصيب هدفها ، من الأفضل للإنسان أن يرسم مسار حياته مهما كانت وجهتها بدل أن يرسمها له الآخرين . حدقت بجسمه الصغير و كأنني أعاينه .. و بدوره ثبت عينيه في وجهي كأنه يبحث عن صديق .. لا اعرف ماذا تقول هذه النظرات الثاقبة الخارقة ، و لكنها بلا ريب متمردة . تبسمت ، تركته وغادرت امشي بلا خطى محدثا نفسي بتوتر : انه أفضل مني ، لقد رفض النقود .. و يعرف ماذا يريد من الدنيا .
رأيته بعد مرور يومين أو ثلاثة قرب السوق .. اقتربت منه و سألته : هل تذكرني . أجاب : لا. شعرت وكأنه يقول لي : من تكون أنت حتى أذكرك .. أنت لست سوى شخص مخدوع يلهث وراء أوهامه .. أنت سراب .
ذكرته بما دار بيننا من حديث في ذاك اليوم .. قال : آه ، لقد تذكرتك .. و ما أن قالها حتى شعرت بان نابليون بونابرت يبتسم في وجهي - وجدت ضالتي - كان يبيع علكة من نوع آخر ، لكنها رديئة أيضا .. سألته : لماذا لا تبيع شيئا آخر ؟ فقال : لا املك رأس مال ، الناس تحب أن تلوك شيئا في فمها .. سألته : أين تنام في الليل ؟ أجاب : إما في المقبرة صيفا أو في بيت مهجور شتاء و أحيانا أنام أسفل شاحنة كبيرة .عرضت عليه أن يتقن صنعة ما ؟ فأبدا رغبته بتعلم الخراطة والحدادة .. و فهمت انه يريد هذه الصنعة بالذات كي يتقن صناعة الصواريخ .. صرخت به : أنت لا تفكر إلا بالحرب والموت .. فقال : هم بماذا يفكرون ؟ ثم تابع : كي يتحرر الأطفال من بعدي .
أخذ يداوم كل يوم في المخرطة وقت الصباح .. وفي المساء يبيع العلكة الرديئة .
منقووووووووووووووووووووول
_________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بلسم الجروح
مشرفة
مشرفة
بلسم الجروح


انثى عدد المساهمات : 463
نقاط : 543
تاريخ التسجيل : 19/07/2009
البلدة البحرين

قصة بائع العلكة الصغير Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصة بائع العلكة الصغير   قصة بائع العلكة الصغير I_icon_minitimeالإثنين يوليو 20, 2009 2:19 am

مسن
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة بائع العلكة الصغير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديـــــــــات سوالــــــــــفنا حلــــــــوة :: مجالس الادب والشعر :: مجلس القصص والروايات-
انتقل الى: